فتيات في قبضة " الحرقة " : الحب والفقر و الإدمان في قفص الاتهام..؟



ما الذي يجعل فتاة في عمر الزهور تكسّر كل القيود والأعراف وترمي بنفسها بين أحضان الموت على قارب يشقّ طريق المجهول دون تذكرة سفر نحو الجنّة الموعودة..؟
سؤال يبقى عالق في ذهن الكثيرين دون أن تكون له إجابة مقنعة وشافية، إلى أن تقودك الأقدار إلى الالتقاء مع عدد من الفتيات على نفس مركب " الحراقة " وتتفاجأ لهول الأسباب التي تدفع ببنات حوّاء إلى الهجرة السرية.
تقول مروى وهيّ فتاة في الـ23 من عمرها : " ما كنتش نحب نحرق وعمري ما فكّرت نهار نخرج من بلادي بالطريقة هاذي لكن البطالة لزّتني باش نهج من تونس و صاحبي شجّعني و حرقت معاه ." أمّا رفقة صاحبة الـ25 سنة فهيّ تؤكّد أنّ العملية كانت في قالب فذلكة لا أكثر ولا أقل لتتبلور الأحداث بصفة جنونية وبعد أن كانت في طريقها نحو علبة ليلية في مدينة ساحلية لقضاء سهرة مع الأصحاب وجدت نفسها هي وصديقها  و قريبته في منزل مهجور فيه أكثر من 25 شخصا كانوا يستعدّون في تلك الليلة للإبحار خلسة وبالفعل بعد 3 ساعات امتطتوا القارب في اتجاه التراب الإيطالي بعد دفع المعلوم.
أما حكاية رفقة فهي مأساوية بعض الشيء حيث تقول: " عمري 31 سنة وأنجبت صغيرا بعد علاقة غير شرعية مع صديقي و درءا للفضيحة سلّمته إلى امرأة مسنّة لتعتني به وها أنا موجودة على متن القارب بعد أن علم أهلي وأهدرت عائلتي دمي و هي تبحث عني في كل مكان، صحيح أنّي لم أركب قاربا في حياتي و لا أتقن السباحة إطلاقا، لكن حين يتراءى لك الموت و تصبح فريسة ضعيفة وسهلة للانتقام فتكون " الحرقة " هيّ ملاذك الوحيد وإن كانت عواقبها محفوفة بالمخاطر.." وبالنسبة لجيهان وهيّ تلميذة صاحبة الـ18 عاما فإنّ الحب هوّ دافعها الوحيد للحرقة لتكون إلى جانب حبيبها وهوّ شاب في الـ23 رغم أنّها من عائلة ميسورة و لا ينقصها أي شيء، فتاة قالت إنّها تحب التحدّي و تستهويها حياة المجون..خاصة وأنّ عدد من صديقتها المقربة كانت قد أقدمت على " الحرقة " منذ مدّة ليست بالطويلة؟
شهادات، بعضها مؤلم، وأخرى تثير الدهشة والإستغراب خاصة أنّ أصحابها وصاحباتها أرادوا فقط أن يعيشوا تجربة " الحرقة " رغم يقينهم بمخاطرها لكن كلّ الأهوال تزول بتعاطي المواد المخدّرة التي يقول عنها البعض:" لولاها لما تمكّن الكثيرون من ركوب القارب " وهو ما يدلّ أنّ معظم " الحراقة " يتعاطون المواد المخدّرة قبل اقدامهم على هذه المغامرة الخطرة التي لاقى فيها الآلاف حتفهم في السنوات القليلة الفارطة.