المهدية : صلاحيات مجمّدة .. تردّد في تطبيق القانون .. مجالس بلدية على خطى النيابات الخصوصية

المهدية : صلاحيات مجمّدة .. تردّد في تطبيق القانون .. مجالس بلدية على خطى النيابات الخصوصية

مرّ على تنصيب المجالس البلدية المنتخبة في جهة المهدية 5 أشهر تقريبا وهيّ فترة يرى  البعض أنها كافية لتقييم أداء هذه المجالس والحكم لها أو عليها وما إذا كانت في مستوى 
تطلعات وآمال المواطنين أم لا ؟

والحقيقة، أنّه من غير المنصف، إنزال أحكام جازمة على عمل المجالس البلدية، خلال فترة وجيزة مقارنة بالمدة النيابية، 5 سنوات، ولا يمكن أن نصنّف ذلك إلاّ في خانة عدم الدراية بالشيء، و غياب الإطلاع على وضع البلديات، و مقتضيات المرحلة بما تعيشه البلاد قاطبة من أخذ وردّ، وعدم استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي، فما بالك بالمجالس البلدية التي مازال بعضها لم يستقر بعد، والبعض الآخر دخل في دوامة الاستقالات.

فالمتأمل في قانون الجماعات المحلية في صبغته الجديد، سيلاحظ دون عناء أنّ المجالس البلدية الجديدة أمام تحدّيات جسيمة للغاية، ترتكز أساسا، على تكريس اللامركزية، و التفرّد بالحكم المحلّي، وفق مبدأ التدبير الحر، والتشاركية في أخذ القرار بما يسنده من صلاحيات تعكس رؤية جديدة لتنظيم وهيكلة البلديات.

ومن هذا المنطلق وبناء على الوضعية الصعبة التي تعيشها معظم بلديات تونس، والمهدية منها، لا يمكن أن تتوفر الموضوعية في الحكم على عمل المجالس البلدية خلال فترة وجيزة دون شك، إذ أنّ كل حكم نهائي أو قطعي سيكون مجانبا للحقيقة، ولا يخضع لمعايير موضوعية،و نزيهة. فالجميع يعلم أنّ هذه المجالس وجدت تركة ثقيلة، وكانت ملزمة على مجاراة نسق العمل البلدي اليومي على أساس مخطّطات، ومشاريع سابقة، و رؤى، وتصورات لم تشارك في وضعها البتّة، لذلك فإن الحكم لها أو عليها، لا يعدو أنّ يكون سوى مزايدات سياسية، وصراعات حزبية على درب الانتخابات التشريعية القادمة. 

لكن هذا لا يمنعنا من إدراك حقيقة واضحة، وهي أنّ معظم المجالس البلدية حاليا، تدور في حلقة مفرغة ، ليس فقط من خلال الصلاحيات غير المفعّلة لرؤساء البلديات، وحالة التردّد التي تسود كلّ القرارات، بل كذلك لغياب الموارد المالية الكافية والمحرّك الأساسي لإنجاز المشاريع وإسداء الخدمات، ويمكن استقراء ذلك عبر ملفّات حارقة كانت في انتظار مشروعية المجالس البلدية الجديدة لتنفيذها، ولازالت إلى حد الساعة ، ويمكن حصرها في :

أولا : ملف المصبات العشوائية ومشكل الفضلات المنزلية التي أصبحت عدّة بلديات عاجزة عن التصرّف فيها لأسباب مختلفة أبرزها دون شك غياب مصب مراقب في الجهة.

ثانيا : افتقار البلديات لمناطق صناعية قادرة على استيعاب مشاريع كبرى ودفع عجلة الاستثمار في الجهة.

ثالثا : البناء العشوائي وتواصل العجز في تنفيذ قرارات الهدم . وكذلك الانتصاب العشوائي والاستغلال المفرط للأرصفة من قبل الباعة والتجار ومدى تأثيره على الحياة اليومية للمواطن دون اعتبار الإخلال بالمنظر العام للمدن.

رابعا: ترهّل البنية التحتية و غياب الصيانة اللازمة للطرقات المزرية التي أصبحت في حاجة لتدخلات سريعة.

خامسا : صعوبة تنفيذ مشاريع هامة في طور الدراسة أو في طور التنفيذ على غرار مشروع سبخة بن غياضة بالمهدية أو مشروع المحطة الاستشفائية بقصور الساف أو مشروع مركز معالجة النفايات ببومرداس..

سادسا : سوء التصرّف في الممتلكات البلدية ورصيدها العقاري المتوفّر وغياب نظرة استشرافية من شأنها المحافظة على هذا المخزون أو حسن توظيفه واستغلاله.

كل هذه المواضيع، وغيرها، من شأنها أن تعطينا قراءة أولية ولمحة بسيطة على عمل المجالس البلدية، وليس الحكم لها أوعليها. 

وبالتالي يمكن أن نستنتج بكل سهولة أنّ المجالس البلدية إلى حد الآن لا تختلف على النيابات الخصوصية السابقة، وهيّ بصدد مسايرة الوضع فقط، حيث لم نر ما يفيد بقرارات جريئة، أو تدخلات ناجعة على أرض الواقع، ليبقى الحال على ما هو عليه، مع اختلاف بسيط في التفاوت في تنفيذ المشاريع السابقة، أو مجارة العمل اليومي، أو في مدى تفاعل المجالس البلدية مع آليات الحكم الجديدة، بتفعيل دور المواطن والمجتمع المدني في أخذ القرار والمشاركة في صياغة حاضر ومستقبل البلديات. وفي هذا الباب يمكن التأكيد على أنّ  معظم المجالس البلدية بصدد احترام هذه النقطة التي تحسب لقانون الجماعات المحلية الجديد، رغم بعض الاحترازات في أهلية ومدى إدراك مكونات المجتمع المدني لهذه المسؤولية التي تعتبر سلاحا ذو حدّين، ناهيك إذا اعتبرنا أنّ الانتماء الحزبي والمصلحية والمحسوبية قد تؤثّر في قرارات المجالس البلدية انطلاقا من أطراف لا تعرف معنى الديمقراطية.