مستشفى الطاهر صفر بالمهدية: كارثة جديدة في الانتظار..؟



بقلم الدكتور : منير بوصلاح
تمّ بعد الدراسات الهندسية المختصّة !!و الموافقات الإدارية اللازمة !! .. بناء قسم جديد للإستعجالي منعزل عن بقية المستشفى !
الغريب أن بناية الإستعجالي كما قسم آخر لأمراض الكلى بدأ بناءه لاحقا لا يمكن البناء فوقهما مما يقضي على إمكانية توسّع المستشفى أو تعويض ما إهترأ فيه في قادم الأيام و هذه غريبة في تخطيطات الإطارات الفنية و الإدارية و الطبيّة كذلك !
تفطنت صدفة أثناء 2016 أن مثال قسم الإستعجالي الجديد يحتوي على مكان ضيق يتيم للتصوير بالأشعة و تبيّن بعد ذلك أنه لا يستجيب للمتطلبات الفنيّة حتى لغرفة تصوير واحدة .. و الأغرب أنه وهو القسم المهيأ للقرن الواحد و العشرين لم يفكر أحد بتجهيزه بآلة سكانار .. إن لم نفكر بآلات تدخل أخرى أصبحت تستعمل إستعجاليا كالرنين المغناطيسي أو القسطرة للقلب و الشرايين !!
تثبتّ من الأمر بطلب ولوج للمعلومة كمواطن لا كطبيب عامل بالمستشفى .. بمراجعة المثال لدى إدارة التجهيز مشكورة .. و راسلت كلّ المتدخلين الرسميين في الأمر كما راسلت نوابا لجهة المهدية و تدخلوا في الأمر مشكورين خلال إنعقاد مجلس جهوي يخصّ المجال الصحي بنفس السنة .. و علمت وقتها أنه تقرر طلب آلتي سكانار و رنين مغاطيسي لتلافي الأمر !
اليوم في 2019:
 يبدو إلى اليوم أنه لم تحلّ مشكلة مكان سكانار جديد في قسم الإستعجالي أو حذوه .. بل تعقدت الأمور أكثر حين تفطن الجميع بعد سنوات من التنبيهات أن قسم الأشعة مهدّد في هيكله بفيضان مياه الصرف تحت أساساته لسنوات .. و أغلق القسم إحتياطا حتى يتقرر ما يجب فعله ! .. و في الأثناء تقرر تجهيز مكان مؤقت لآلة السكانار القديمة داخل بناية المستشفى .. و طبعا يبدوا أنه سيصعب أن ينقل هذا السكانار مرّة أخرى و أن الجديد سيجهّز قسم الأشعة بعد فتحه سوى بعد ترميمه أو بنائه من جديد ... و سيبقى الإستعجالي القصيّ دون سكانار !!
يمكن لغريب عن المستشفى أن يتساءل : و ما المشكل في ذلك ؟
ـ يتطلب التدخل الإستعجالي الحديث مقربة آليات التشخيص و التدخل لضمان السرعة و الجدوى في عديد الإصابات خاصة تلك المتعلقة بحوادث الطريق أو الجلطات الدماغية ...
ـ يتطلب نقل المرضى و المصابين من الإستعجالي لأقسام أخرى كالتصوير الطبي و السكانار إحتياطات و آليات و عاملين مختصين قلّ ما توفرت خلال العشريات الأخيرة و يصعب توفرها في المستقبل القريب و المتوسّط في ظروف الصحة العمومية المعروفة !
في هذه الظروف يعتمد عادة على الأهل لتغطية النقص رغم خطورة ذلك لإمكانية المضاعفات .. هذا إن توفروا ! و حتى إن توفروا فتصوروا أنه يتحتم عليهم دفع نقالة أو سرير في ممرّ فيه منحدر بقرابة 30 درجة ثم الخروج في برد الشتاء و ريحه و أمطاره للمرور إلى المستشفى ثم الهرولة بمصابهم في ممرات المستشفى ... أؤكد لكم أن هذه صورة حقيقية لا هزلية !!
إن لم تتدخل السلطات و فعاليات المجتمع المدني في الموضوع فيستمرّ مسلسل "رزق البيليك" هذا و ستتمادى قرارات فنيّينا و إداريينا العتاة في هذا النهج إتقاءا للمشاكل في ظلّ البيرقراطية و الحسابات الضيّقة و سيجد مواطنوا المهدية أنفسهم يقاسون مأزقا سيدوم لأجيال !
اللهم قد بلّغت !
د. منير بوصلاح (طبيب مختص في التصوير الطبي )