قد لا تعني هذه الصور شيئا للكثيرين، وقد يمرّ عليها البعض مرور الكرام، لكنها تعني الكثير والكثير بالنسبة لأهالي قصور الساف والمطلعين على تاريخ البلاد خاصّة إذا تعلّق الأمر برمز من رموز المدينة، و حامل لواء الجهاد في عهد الدولة الحفصية ضد الحملة الصليبية، الولي الصالح سيدي علي المحجوب.
نعم يا سادة، هذه الصور هيّ لخلوية المجاهد الأكبر، سيدي علي المحجوب، العالم الجليل، و شهيد الحملة الصليبية على تونس سنة 1550، صورة صادمة، لمعلم ديني فقد بهرجه التاريخي، بسبب إهمال المعهد الوطني للتراث، لهذا المعلم و غيره من المعالم الأثرية، والتاريخية في قصور الساف و سلقطة، و غيرها من المناطق المجاورة التي ظلّت جامدة وهامدة جمود المسؤولين في هذا المعهد. و حتّى مبادرات إحياء و إنعاش مثل هذه المعالم من طرف بعض الجمعيات الناشطة، بالشراكة مع بلدية قصور الساف مثلما حصل في مقام " سيدي بخروف "، وقع تصنيفه في خانة تشويه المعلم، والمس من قيمته، ورمزيته التاريخية، وعدم احترام النمط المعماري المعتمد لدى المختصين في المعهد الوطني للتراث..؟ دون اعتبار الشكوك التي حامت حول هذه الجمعيات، ومصادر تمويلها، وما إذا كانت مرتبطة بأجندات أجنبية أم لا..؟ كل هذا يحدث بسبب حراك تلقائي، اختارت البلدية أن تتبنّاه وفق شراكة مبنية على البناء، ولما فيه من مزايا، كفيلة بإيقاظ شبح الركود الجاثم على مواقع من شأنها أن تغيّر وجه المدينة، تزامنا مع أشغال صيانة إحياء " المدينة العربي " من قبل بلدية قصور الساف. لكن يبدو أنّ هذه البادرة لم ترق لبعض المرضى ممّن تعوّد على " حطّان العصى في العجلة " والركوب على الأحداث، والحال أنّه غير متصالح مع نفسه جملة وتفصيلا، ليزيد المسؤولون في المعهد الوطني للتراث الطين بلّة بمراسلة يمكن اختزالها في مقولة " لا يرحمو ولا يخليّو رحمة ربي تهيط ".
محاولات بائسة اختار أصحابها السباحة ضدّ التياّر... ومعارضة كل فكرة تشرّع للبناء والتنوير، وبين هذا وذاك، مازال المعهد الوطني للتراث يلعب دور المتفرّج دون تحمّل مسؤولية لا نعرف إنّ كانت فعلا من اختصاصه أم لا..؟ لأنّ تصريحات و مراسلات المسؤولين تنطوي على تناقض غريب وعجيب يدعو فعلا للتساؤل : هل أنّ معهد التراث دوره إحياء التراث أو قبره؟
