المهدية : مهرجانات صيفية تحجب عجز مندوبية الشؤون الثقافية

المهدية : مهرجانات صيفية تحجب عجز مندوبية الشؤون الثقافية

معلوم أنّ المشهد الثقافي في جهة المهدية، يفتقر لسياسة ثقافية واضحة، كفيلة باستغلال الإرث الحضاري، و التاريخي الذي تزخر به جهة، تقتصر فيها الثقافة فقط ،على بعض التظاهرات، والمهرجانات الموسمية التي يمكن تصنيفها ضمن السياحة الثقافية الترفيهية، أكثر من أي شيء آخر.

واقع الثقافة في المهدية، يحيلنا إلى عدّة استفهامات، تنتهي كلّها عند سؤال وحيد : ماهو دور مندوبية الشؤون الثقافية بالأساس؟ سؤال يطرح نفسه بشدّة خصوصا إذا علمنا أنّ لا من نقطة مضيئة تحسب للثقافة والمثقفين في الجهة، على المستوى الوطني، و لا شيء يتغيّر بتغيّر المسؤولين الجهويين والمندوبين. فنفس الوجوه تقريبا، ونفس البرامج مستنسخة، ونفس التظاهرات، تتكرر في سيناريو أصبح مألوفا، وملّ منه المهتمون بالشأن الثقافي. فلا خلق، ولا إبداع، ولا تميّز، ولا أفكار ترتقي لمستوى تطلعات أهالي المهدية، ولا عراقة عاصمة الفاطميين. وكيف يكون هناك إبداع وخلق ومقود الثقافة بيد أناس فشلوا ولا زالوا يكرسون الفشل - إلاّ من رحم ربّك - والمحسوبية والتزلّف والمصالح الضيقة التي غلبت المصلحة العامة..؟ كيف يمكن لقطاع هوّ قاطرة كلّ الدول نحو التقدّم والازدهار، أن يتطوّر، والحال أنّ أكثر من 30 مؤسسة ثقافية في الجهة، دون اعتبار المتاحف، تغلق أيام السبت والآحاد أمام الجميع؟ كيف نرجو خيرا من قطاع ينبذ مبدعيه، ويقصيهم، ويفسح المجال أمام الفشلة، والنكرات ليتظاهروا بخدمة الشأن الثقافي، ويصبح لهم موقعا يمارسون فيه جميع أنواع العقد والنقص، والحال أنّ فاقد الشيء لا يعطيه أصلا ؟ 

الثقافة، يا سادة، ليست مهرجانات وحفلات، الثقافة هيّ هويّة،  و الهوية هيّ الموروث التراثي والحضاري، والمهدية لها من ذلك ما يجعلها أيقونة ثقافية. يكفينا سباتا.. ويكفي المهدية شرّ مسؤولين، همّهم الوحيد الظهور والارتقاء، والتدرّج في المناصب بجعلها جسرا لتحقيق المآرب الشخصية، على حساب مجتمع،  محروم من المسرح و الشعر و السينما و حتى المكتبات العمومية ناهيك منها المكتبات المتجولة..؟ ألم يحن الوقت بعد، لنقد ذاتي، و مراجعة  العمل الرعواني لمندوبية الشؤون الثقافية؟ ألن يقتنع أهل الدار أنّ المهرجانات وحدها ليست مقياسا لنجاح البرامج الثقافية- إن وجدت- وأنّ مهرجان عيد البحر بالمهدية أو مهرجان  ليالي المهدية أو مهرجان الجم الدولي للسمفونية لا يمكن اعتبارها  إلاّ الشجرة التي تحجب الغابة أو بصورة أوضح الشجرة التي تحجب عجز و تقصير مندوبية الشؤون الثقافية بالمهدية في الارتقاء بالمشهد الثقافي؟

 إنّ الثقافة لهيّ واجهة تعكس شخصية الأفراد والمجتمعات، ولا غرو في أن تنعكس صورة المسؤولين على المشهد الثقافي الذي يتميّزبغياب الروح ويزداد قتمامة من سنة إلى أخرى، رغم بعض المبادرات الفردية الناجحة.