المهدية - زردة : فقر مدقع .. شباب تائه .. ومعالم أثرية في قبضة اللصوص

زردة Zorda Mahdia المهدية

لا عجب أن تصبح مدينة زردة حديث القاصي والداني في تونس و يتصدّر اسمها عناوين الأخبار في وسائل الإعلام المحلية والعالمية لارتباطها بالانتحارية أصيلة المنطقة منى قبلة التي قامت بعملية تفجيرية في شارع الحبيب بورقيبة وصل صداها أقاصي الدنيا مطلع هذا الأسبوع.

زردة، مدينة فلاحية، معروف عن أهاليها البساطة وطيب المعشر وكرم الضيافة، تشبّثوا  بالطبيعة والأرض واستمدّوا قوتهم اليومي من غراسة الزياتين و غيرها من الأنشطة الفلاحية البسيطة، مدينة تغيب فيها أبسط مرافق الحياة الضرورية، ليهاجر من هاجر، ويصمد البعض في وجه الضيم والحيف وقسوة المعيشة تشبّثا بالأرض والعرض.


لكن ما لا يعلمه الكثيرون أنّ زردة هيّ مدينة أثرية بامتياز، حيث مازالت ثناياها شاهدة على عظمة حقبة تاريخة خطّت فصولها حضارة رومانية بنفوذ سياسي و عسكري واقتصادي ترك بصمته إلى اليوم ( قصر الجم ) تيسدروس و الميناء والآثار المتنوعة بسلكتوم ( سلقطة ) و الحلقة المليئة بالشواهد والتي تربط بين العاصمتين الإقتصادية سلكتوم و السياسية تيسدروس من خلال المناطق المجاورة التي تؤكّد متانة العلاقة بين العاصمتين و منها مناطق التلالسة وزالبة وزردة. 

فهذه المناطق وخاصّة زردة مليئة بالشواهد التاريخية والآثار القيّمة التي تلاعبت بها السنون وعبث بها الانتهازيون ولا أدلّ على ذلك من الاكتشاف الأخير الذي قادت الصدفة خلاله أحد أبناء المنطقة للعثور على لوحات فسيفسائية نادرة تحت أديم الأرض، ليتمّ إعلام المصالح المختصة التي لم تأخذ الموضوع بالجدية اللازمة - وهو أمر طبيعي تعوّدنا عليه في جهة المهدية - ليظلّ الحال على ما هوّ عليه من إهمال وما يتربّص بهذا الكنز القيّم والثمين من خطر محدق به تزامنا مع نشاط لا ينقطع لناهبي الآثار و الكنوز في جهة عجزت الدولة عن حماية معالمها الأثرية التي فقدت بهرجها التاريخي ولم يتمّ استغلالها في النهوض بهذه المناطق عبر المسالك الثقافية والسياحية القادرة على تغيير المشهد القاتم لهذه المناطق ومنها مدينة زردة.