المهدية - مقاطع الحجارة بسلقطة : استغلال عشوائي .. نهب .. وتخريب للآثار

المهدية - مقاطع الحجارة بسلقطة : استغلال عشوائي .. نهب .. وتخريب للآثار

بقلم الصحفي أيمن بن رحومة

تشتهر مدينة سلقطة، بالإضافة إلى موقعها المميز، وبحرها الجميل، وطبيعتها الخلابة.. بنوعية فريدة من الحجارة الصلبة المستخرجة من الهضاب المترامية على أطراف المدينة، التي تكسوها من كلّ جانب، ومنها شيّد الرومان القصور والمعابد على غرار قصر الجم. 

فسكّان مدينة سلقطة مازالوا يتوارثون طريقة تقليدية في استخراج الحجارة من المقاطع المنتشرة في المكان، من خلال عمليات لا تخلو من مخاطرة على حياة العاملين في هذا المجال، باعتبارهم يقضون ساعات طويلة داخل كهوف مظلمة، لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحماية اللازمة، وهيّ كهوف يقع تفجيرها بالمتفجرات لفسح المجال أمام المعدات التقليدية اليدوية لقلع نوعية جيّدة من الحجارة التي يتمّ بيعها بأسعار باهظة ويقع استعمالها في شتى المجالات، خصوصا منها صناعة البناء والفخار والأواني والتزويق.

كارثة بيئية

تعتبر عملية استخراج الحجارة تقليدية بحتة، إلى جانب أنها غير قانونية وغير مرخّص فيها، بما تمثّله من خطورة على العاملين في أنفاق يصل طول بعضها إلى أكثر من 600 متر على غرار «حمادة بنت المسعودي» أكثر الأماكن المتضررة من هذه الحفريات التي تعتبر كارثيّة بأتمّ معنى الكلمة باعتبارها تمثّل استنزافا للبيئة من خلال اعتداءات متكرّرة على الهضاب المعروفة بأعشابها الطبية النادرة والتي تمّ تسوية أغلبها بالأرض لاستخراج الحجارة التي شكّلت على مدار سنين «غولا» يؤرّق حياة القاطنين في الجوار من الذين تضرّرت منازلهم وبيوتهم من الانفجارات المتكررة داخل مقاطع الحجارة التي ملأ جوفها الفراغ ليتسبب ذلك في أكثر من انهيار أرض شاءت الأقدار أن لم يتعرّض خلالها أيّ أحد للأذى، إلاّ أنّ ما تعرّضت له المواقع الأثرية الموجودة في المكان من تخريب وطمس ونهب، على غرار الحمامات والمقابر الرومانية يندى له الجبين ويطرح أكثر من سؤال حول دور السلط المحلية والجهوية في حماية هذه المواقع.

كنوز مهدورة

ما تتعرّض له المواقع الطبيعية والأثرية في سلقطة، قبل الثورة، وبعدها، أمر لا يصدّقه العقل، ولا يكفي هذه المنطقة ما شنته عليها فلول النظام السابق من حملات متواصلة لهتك حرمة مواقعها الأثرية وسرقة ونهب كنوزها في واضحة النهار في غياب تام للسلط الجهوية، إضافة إلى الاعتداءات المتواصلة على الطبيعة التي حبا الله بها هذه المدينة، ومن خلال استغلال مقاطع الحجارة بصفة عشوائية، ليلا ونهارا ودون رادع ولا رقيب وهو ما بات يستدعي تدخلا عاجلا من السلط المسؤولة في أقرب وقت، لإنقاذ ما تبقى من أماكن ومواقع لا همّ للمارقين والخارجين عن القانون سوى تخريبها والتمتّع بأموال طائلة يجنونها من وراء المتاجرة بكنوز مدينة سلقطة.