المهدية : كنوز مفقودة .. وآثار في حاجة إلى الحماية

المهدية Mahdia

بقلم الصحفي أيمن بن رحومة

شكّل تعاقب الحضارات عبر مختلف الحقبات التاريخية على جهة المهدية، مخزونا أثريا لازال يتحدّى الأزمان إلى اليوم في ظلّ نسيان وإهمال من قبل المشرفين على المحافظة على هذا التراث باعتبار قيمته التاريخية والعلمية. 

وهو الذي لا يمكن نكرانه والمتوزع على جلّ مناطق ولاية المهدية كظاهر للعيان مثل الجامع الكبير والسقيفة الكحلاء وبرج خديجة بالشابة و«كوليزي» الجم وخاصة مدافن سلقطة وحماماتها ومقبرتها البونيقية التي تجاور المتحف وحقول «آجار» وأكثر من مساحة لقطع فسيفسائية ضاعت أو غمرتها المياه في بحر يمتدّ على طول 70 كلم من الشواطئ شهد أكبر المعارك وتقبع في قاعه أكثر من تحفة فنية رائعة .
برج خديجة - الشابة
برج خديجة - الشابة
قصر الجم
قصر الجم
قد يكون من باب الصدفة أو من خلال الحفريات الجارية، أن يتم اكتشاف قصر العالية بين سلقطة والغضابنة والذي راجت بشأنه عديد التأويلات تزامنا مع عمليات النهب التي استهدفت الجهة وباعتبار أن هذا القصر المجاور لرباط لم يتمّ الكشف عنه خوفا من نهبه في غياب إدارة قارّة تشرف على كل مراحل التنقيب، لذا كان الاكتفاء بوضع عسس يحرسون المكان ليلا نهارا في انتظار التمويلات الضرورية لاستخراج خبايا هيّ محل أطماع عصابات نهب الآثار في العهد البائد وحتى بعد ثورة 14 جانفي، ليبقى السؤال مطروحا متى تتدخّل وزارة الإشراف لحماية هذا المعلم ومثله من آثار لازالت في انتظار نفض الغبار عنها.

المقبرة البونيقية ... مهملة

هيّ مقبرة على أنقاضها استعملها الرومان من نبلاء بحسب ما تدلّ عليه هندسة القبور التي من المفروض أن تحتوي على ودائع خاصّة قد تنهب بين يوم وليلة لحالة الإهمال التي هيّ عليها وبافتقاد السياج وموقعها على الطريق العام مع انعدام التنوير ليلا لتكون لقمة سائغة على غرار بقية الآثار الأخرى .. وتجدر الإشارة هنا إلى النداءات المتكررة بضرورة حفظها وإيلائها الأهمية التي تستحقها لتشملها وتشمل باقي مناطق الجهة زيارات الوفود السياحية التي من شأنها تحريك سواكن تلك المناطق وتنشيط الحركة الثقافية والسياحية بما يتماشى مع المخزون الثقافي المتوفّر في الجهة.
المقبرة البونيقية
المقبرة البونيقية
قد يكون ما اكتشف مؤخرا بجوار هذا البرج الإسلامي من آثار عند إقدام أحد المواطنين على البناء في المنطقة الأثر السيئ لدى الجميع والذي عجّل بتدخّل وزارة الإشراف للوقوف على حقيقة ونتيجة ما أفضت إليه الأبحاث بهذا الشأن الذي يتشابه مع شؤون أخرى لعديد المناطق، إلاّ أن ضعف الموارد المخصصة لعمليات التنقيب والبحث عن الآثار يجعل الحالة تزداد سوء بانتهاكات أخرى أفقدت هذا المعلم بهرجه التاريخي.

دواميس سلقطة ( غار الضبع)

هي سراديب أموات استعملها الرومانيون المسيحيون لحضور بعض الطقوس الدينية ودفن موتاهم عبر مصطبات لقبور منقورة في الصخر، ويشاع أنّها كانت الطريق الموصل إلى مدينة الجم ، حيث تمّ نقل الحجارة من مقاطع سلقطة وما جاورها لبناء القصر وهوّ اليوم ملاذ للحراقة وأوكار للفساد ويتطلّب تهيئة هذه الأنفاق بما حوت من لوحات فسيفسائية أرضية وأواني فخارية.. الكثير من العناية من قبل المعهد الوطني للتراث الذي سبق مع منظمات دولية أن قام بها والتوقف إلى الوقت الحاضر.
دواميس سلقطة ( غار الضبع)
دواميس سلقطة ( غار الضبع)
ونشير إلى رغبات عديدة من مستثمرين يريدون الانتصاب في الجوار وجلب السواح للإطلاع على هذا المعلم المهمل بنية الترويج له وتحريك سواكن كامل المنطقة الشاطئية. 
ومثل ما أوردناه من معالم قيمة تنفرد بها جهة المهدية، يغطّيها الإهمال والنسيان ونراها تستصرخ وتستجدي سراق الآثار كي ينهبوها في ظل غياب رقابة صارمة وحازمة للمحافظة عليها وحمايتها من شتى العوامل باعتبارها تراثا عالمياّ بات نسيا منسياّ.