فريد المازني : أوّل رابور تونسي يزعزع نظام بن علي بهذه الأغنية

فريد المازني : أوّل رابور تونسي يزعزع نظام بن علي بهذه الأغنية

الراب هو فن حديث صنعته " أمريكا " منذ السبعينات وعرف رواجا واسعا في التسعينات في أنحاء العالم انقسم الى قسمين أبواق تؤذي السمع والرأسال وأمكنة مخصوصة رهن إشارة البعض من الاعلاميين فزّاعة تغطي فراغات البرامج الرديئة في القنوات الخاصة وأصوات مؤثرة جُمّدت وأرسل الفنان الجيد صوته بعيدا عنهم.

في زمن كان فيه الانسان ذئبا لأخيه الإنسان, ولا نستثني المبدعين في شيء , هذا العداء لم يكن مجرد شعور ذاتي, بقدر ما كان منهجا سلكه الأنموذج السلطوي القديم ,نقصد هنا منهج التغريب والعدائية والرضوخ والخوف من عقاب المستبدّ.

من هنا وتحديدا في سنوات الجمر, وصلتنا أغنية لم تكن في الحسبان , أغنية ممنوعة لأنها تسرد واقعا بليدا في ذلك الزمن الأسود .يوم كان للجدار أذن وللوضع سكوت عميم وخضوع مطلق .

جاءت " العباد في تركينة " لنسمعها خلسة ,وبعضنا بكى طويلا على إيقاع كلماتها الجريئة.

" رابير" جعل من فنّه رسالة دامغة تهوي حجرا على الرؤوس وتغير عقلية الشباب نحو نظرية مختلفة عن ما سبقها ,نظرية الرفض والجرأة والحق , نظرية الثورة التي مهّدها فاعلون وركب عليها خانعون .

قد لا نفشي سرا, إن قلنا أن الأغنية تلاشت في كون ثوري تعدّدت فيه الحريات, طغى عليه أبعاد فنية أخرى رديئة وموحشة ينبذها العاقل ويطوق المثقف إلى الغائها تماما من أرشيف معلوماتي, راهن على الجيد كما راهن على الرديء, لكن اكتشفنا أن الأغنية راسخة في أذهاننا فور عودة " فريد المازني " بأغاني جديدة, تواءم نفسه الثوري ورفضه وقلقه وانفعاله وحبه للبلاد, التي هاجرها وبقي وفاؤه يحوم في " الحومة العربي" و" الجبل الأحمر" وألم تونس. .

" المازني" قريب جدا من جمهوره النوعيّ , لمجرد ظهوره من جديد استحوذ على القلوب, كما سبق له ذلك سنة " 2005" ,استمعنا الى أغنية "الرسالة" , وشاهدنا الفيلم الذي اختاره لأغنيته, وفجئنا بكتاب الروائية التونسية " أسماء الصخري" " أحلامنا بين كرّ وفرّ " , بين يديه ,وهو ينشد رسالته .

السؤال هنا يطرح نفسه , مالفرق بين " رابير" يزجّ بالكتاب في عالمه الفني ؟ وبين " رابير" يزجّ بكلمات غير مفهومة ويرتكز على الإيقاع التقليدي للــ " راب"؟

سنعي أن "فريد المازني" فنان استثنائي ,من الأوّلين الذين غنوا "الراب" في تونس وأقنعوا, يكتب أغانيه بمفرده ويتريث قبل أن يؤديها ويشيعها على الناس .

في الأيام الأخيرة من شهر جانفي نشر " المهاجر" أغنيته الجديدة ," احترام شنوّة ؟؟؟ " لا تخلوا من شتم ,له بعد وظيفي وألفاظ موجعة, نراها في محلّها تقرأ وضع البلاد ,وتنقده رأينا صورة الرئيس " الباجي قايد السبسي" ,وصورة رئيس الحكومة " يوسف الشاهد" أمرهما بالنزول, إلى الأرض ومعاينة الواقع, والقرب من الناس, ورأى أنهما يعيشان في " النجوم" والنجوم هنا هو الكرسي والشهرة والمال كلّه من رقاب المهمشين والجوعى والمشرّدين, في بلاد وعدا شعبها بالرقي والازدهار , فالوضع مخزي والشعب شقيّ, والحكومة أهدرت الخصب والنّافع, ولهثت وراء سلطة كاذبة, بلا رأي قادح ,ولا فكر شامل ولا سيطرة على الأوضاع.

في نهاية الأغنية قرّر " فريد المازني" أن لا ننسى أبدا, حتى بعد سنوات طويلة, أنّ البعض حرم أطفالنا ذات يوم من حقهم الطبيعي في شرب " الحليب" فرجال الأعمال هي التي تتحكّم في نمو أطفالنا وفي استمرارية عيشهم ولو وجدوا سبيلا إلى الهواء لقطعوه. 

" احترام شنوة؟؟؟ " من أغاني الـ " راب" الهدّاف الذي يمرر رسائل واضحة ,ثورية كي نستيقظ في الإبّان ونتذكر دائما كل الوقائع التي عشناها في زمن فلان وعلاّن .

بقلم سوسن الطيب العجمي