المهدية: واقع الجهة دون زيف أو مغالطة... متى يستفيق أهلها؟

 

 

مثلما تتمتّع عين الناظر بسحر طبيعتها الخلابة، وجمال بحرها الأخّاذ، وزينة  تراثها ومخزونها الحضاري العميق.. فإنّ المتوغّل في جهة المهدية عبر مناطقها الريفية، ومسالكها الوعرة، يكتشف حجم المعاناة التي يعيشها متساكنوها، وينشطر قلبه أسفا وحزنا على مشاهد لا يصدّقها العقل و تمحي معها كلّ ما هوّ جميل في المهدية.

ففي سنة 2020 مازال المواطنون في المهدية يعيشون حياة بائسة، بؤس المناطق التي يعيشون فيها، و التي  تفتقر لأبسط مقوّمات الحياة الكريمة، ومثلما ينطبق ذلك على المناطق الداخلية في الولاية كأولاد الشامخ وشربان وبومرداس وهبيرة..فإنّ عديد المناطق والتجمعات السكنية المجاورة لمركز الولاية، ليست أكثر حظّا منها، فبرج الشلبي، السعد، الكرارشة، الحكايمة، أولاد الذوادي، المنصورية، الرشارشة، الحسينات، النمامة، أولاد صالح، الخمارة، الشعابنة...مناطق، تصيبك الدهشة عند زيارتها ببنيتها التحتية المعدومة، والنقص الكبير للمرافق الأساسية، وبحجم التهميش و النسيان الذي طال أهاليها.

 هنا، تتجوّل ببصرك، فيخيّل إليك أنّك تسافر في غير الزمن الذي تعيشه.. هنا، تشتدّ ظلمة الفقر على الأهالي، فتحجب عنهم لذّة الشعور بالحياة.. هنا، لا يمكن أنّ تفكّر في أكثر من كسب قوت يومك، من خلال أشغال فلاحية بسيطة لا تدرّ شيئا يذكر بالمقارنة مع المساحات الشاسعة للأراضي القابلة للاستغلال والاستثمار فيها.. هنا يمشي الشباب في معترك الحياة  هائما، يفتّش على المستقبل فلا يجده، يحاول إبلاغ صوته فيصدّونه، يعيش ويستنير بالأمل على ظلمات الفقر والحاجة والخصاصة، فتجد أغلبه يائسا، يرتمي في أحضان البحر مهجّرا من البلد، باحثا عن أحلام وردية تتحوّل بين عشية وضحاها إلى أحزان ومآتم ...هنا تدور الأيام دورتها ، ولا يتغير أيّ شيء، لا من مغيث ولا مجيب لدعوات متكرّرة للمسؤولين والأحزاب من قبل الأهالي قصد التدخّل لإنشاء المدرسة والمستوصف والربط بشبكات التنوير العمومي والماء الصالح للشراب وتهيئة المسالك الفلاحية التي تقف معها عجلة الدوران  بنزول الغيث النافع..هنا حتى بيوت الله لم تسلم من المنافقين.. هنا لست في حاجة لجهد كبير لاستكشاف حجم الجرائم التي ارتكبت في حق المنطقة ومضيعة لمصالح أبناء الجهة عبر تحويل وجهة مستثمرين و عدّة مشاريع إلى مناطق أخرى.. هنا لا يستحي أباطرة الشرّ في استغلال الوضع الوبائي للاستثراء... هنا تزيد معاناة الأهالي بتواجد مسؤولين جرّدوهم من كل الصلاحيات... يحدّثون ولا يقنعون،  يعدون ولا يوفون بالعهد، هم يحكمون ولا يحكمون... لا همّ لهم غير الكراسي الوثيرة، و توفير الشغل لأقاربهم وذويهم وأولى الجاه والمعروف، على حساب العاطلين والمعطلين..هنا لا يزال أزلام النظام البائد يحكمون ويتحكّمون، يقبضون قبضتهم على كلّ شيء تقريبا.. هنا يزداد الأمل ويكبر كلّ يوم بهبوب نسمات التغيير على المنطقة، ليرفع عنها ستار مسرحية كتب فصولها النظام البائد زيفا و وكذبا، وعاش خلالها المواطنون على وقع تراجيديا من نوع خاص.. هنا، تبقى المهدية منسية..ويبقى الأمل قائما في التغيير.