قصورالساف : هل يتم إحياء سوق الجملة من جديد؟

لا يختلف عاقلان في أنّ مدينة قصور الساف أكثر المدن التونسية غلاء وارتفاعا في الأسعار في جميع المنتوجات الفلاحية  والمواد الغذائية وغيرها من مواد الاستهلاء اليومي منها المسعّرة وغير المسعّرة وهذا الشيء يتفق عليه معظم الأهالي في مدينة كانت إلى وقت قريب تعتمد على منتوجها الصناعي والفلاحي  وما تمنّ عليها المناطق المجاورة بوجود سوق أسبوعية وسوق جملة اضمحلّ منذ سنوات لأسباب يطول شرحها.

اليوم وأمام ما تعيشه المدينة وضواحيها من ارتفاع للأسعار قد يكون بسبب احتكار مسالك التوزيع أو نقص التزوّد بالمواد الفلاحية -على سبيل المثال- أو ارتفاع كلفة تزوّد التجار بهذه المواد من مدن أخرى وأسواق جملة في كامل تراب الجمهورية.. عاد الحديث مرّة أخرى عن إحياء سوق الجملة في مدينة قصور الساف وقد تباينت الآراء بين الأهالي واختلفت بين مؤيّد لهذه الفكرة وبين معارض لها، لكن تبقى كلها وجهات نظر قابلة للنقاش والحوار بما تحمله من فكر بنّاء يصب عموما في مصلحة الشأن العام ومصلحة المدينة ككل.

إنّ الغاية من إحياء سوق الجملة مع تبنّي بلدية المكان هذه الفكرة - على ما يبدو-  هوّ مقاومة الانتصاب الفوضوي ومقاومة ارتفاع الأسعار وهذا ما يهمّ المواطن بدرجة أولى، ومقاومة ارتفاع الأسعار لا بدّ لها من مقوّمات ثابتة وواضحة أهمّها  وفرة المنتوج لخلق المنافسة، وهنا مربط الفرس، فقطاع الفلاحة تراجع ودعم الدولة للفلاحين تقلّص بشكل ملحوظ مع ارتفاع أسعار المواد الأولية والأعلاف.. الشيء الذي أثقل كاهل الفلاح وعجز معه على مجاراة هذا النسق الجنوني في ارتفاع أسعار المواد الأولية وهو ما ساهم في تراجع نسبة المنتوج الفلاحي من الخضر واللحوم والحليب وغيرها من المنتوجات.. والحديث عن سوق جملة للخضر والغلال لمعالجة هذا الإشكال لا يفي بالغرض و الأمثلة على ذلك موجودة على غرار سوق طبلبة الذي تمّ تأسيسه منذ 3 سنوات تقريبا ولم يستطع منافسة سوق المكنين مثلا لأنّ الأمور ليست كما يظنها البعض بل هيّ خاضعة لترتيبات أهل الاختصاص من قشارة وهباطة وتجار يسيطرون على هذا القطاع من ألفه إلى يائه تزامنا مع تراجع دور الدولة في دعم الفلاحين وتنظيم مسالك التوزيع.

إنّ الحل في إنجاح سوق الجملة ليس مرتبطا بالعرض والطلب ووفرة المنتوج فقط بل يتجاوز ذلك إلى ما أهم وهو تنظيم القطاع الفلاحي برمته واسترجاع الدولة ووزارة الفلاحة دورها في دعم الفلاحين و توفير الأسمدة والأعلاف بأثمان معقولة لتشجيعهم على العمل حتى لا يبقى مرهونا لدى التجار وأصحاب الأموال.

الصورة: سوق الجملة في قصور الساف خلال السبعينات

- منقول-